في يوم العناق العالمي أتحدث عن النرجسية.. كاضطراب سام له علاقة بالحرمان من لحظات العناق الأهم في الطفولة..

في ست علامات يمكن معرفة النرجسي الذي يتكرر في سلوكه وتواصله: احتقار الآخرين و الاستغلال الخالي من التبادل، ويمكن استشعار أنه يحتاج للثناء مثل حاجته لأساسيات الحياة، كما أنه شخص يعاني التضخم في الإحساس بالاستحقاق وحساسية مفرطة تجاه تآمر الآخرين.

هذه التشخيصات الست لايمكن تقديرها كأحكام أخلاقية.

ولأن النرجسي حين يستمع لهذا التشخيص من الزاوية الأخلاقية فسيعاني الاختناق النفسي الذي يؤدي به إلى تطوير وتعقيد ميكانزماته للاستمرار في لعبة التربص بضحاياه.. والتربص بالضحية هو أخطر من يشغل وقت النرجسي.. النقاش الأخلاقي للموضوع هو خطآ ضار لكل الأطراف في الموضوع.. وهو غير صحيح علميا..

يحدد الباحثون النفسيون نشأة اضطرابات النرجسية عبر تراكم الاضطرابات في أربع مسارات متباينة :

1 – سوء فهم صورة الفرد عن ذاته..

ومراكمة النرجسي لمحاولات لتفادي مواجهة نفسه على حقيقتها، فقد يتعرض الطفل للثناء المبالغ من والديه وفي ذاته طفولته يتعرض منهما لصدمات تضعه في تقدير منخفض للذات بشكل مفاجئ.

أيضا، يمكن للنرجسية أن تنتج من طفولة قاسية، ولا تظهر الأغراض إلا حين يكبر الطفل ويتحسن مستواه المادي والاجتماعي ولكنه لا يستطيع تحسين تصوره وتقبله لذاته، فيسعى جاهدا لحماية صورته في الخارج ولايستطيع القرب من صورته التي يظن أنها بشعة ومنحطة من الداخل وتشكل له مصدر رعب، وفي المقابل يجد في ساديته تجاه مقربيه التعويض عن الفراغ من جهة، ومن جهة أخرى تحقق له الحماية من اطلاع الآخرين على داخله الذي يظنه بيقين المحافظ على حياته من الموت، أنه محط احتقار اذا ما تم الاطلاع عليه.

2 – سوء النمو الوجداني ..

النرجسية ناشئة من تأخر النمو الوجداني، بداية من مرحلة الرضاعة التي ترافق ظهور أسنان الطفل، حيث أرخ المحللون بأن في هذه المرحلة يعبر الطفل عن أول سلوك سادي من أجل جلب اهتمام الأم، وحسب رد فعل الأم إن كان عنيفا أو متساهلا فإن الجهاز النفسي للطفل قد يلجأ لآلية التثبيت، أي توقيف نمو الوجداني بسبب التعرض للعنف أو عدم الانتباه.

والأعراض النرجسية لدى البالغ تعد رجع صدى لهذا التوقف في النمو الوجداني تجاه مواضيع الحب، كانوا أشخاصا أو أعمالا، فالنرجسي كما أنه قد يبدي إبداعا وتفانيا في بناء علاقاته وأعماله مهنيا، فهو قد ينسف كل ذلك في طريق اثبات ذاته عبر ممارسة السادية على الآخر.

3 – سوء التبادل العاطفي والنفعي مع الآخرين.

تراكم على النرجسي من تاريخه النفسي الحكم بأنه منفي من علاقة التبادل، تبادل المشاعر والمنافع، يجد صعوبة في طلب المساعدة، ويرتاح في تقديم مقابل عن أي شيء، لكن في إطار مؤقت من العلاقة، فعلاقة الزواج مثلا بالنسبة له مناسبة سيدخلها لتأكيد مكانته المادية والاجتماعية، ثم يصبح شريك الحياة موضوع استنزاف.

4 – البيئة النرجسية

المجتمعات أو الجماعات المتطرفة دينيا أو عرقيا أو بخلفيات أخرى… هي مشاتل لإنتاج النرجسيين، ليس لأنها تشكل هذا الداء في داخلهم، بل لأنها محطة جذب مهمة للنرجسيين ولضحاياهم المازوشيين، من الاتباع الذين من المحتمل أن يتأهلو لهذا الدور مستقبلا..

أخيرا.. ما علاقة النرجسي بالعناق؟

العناق هو ذلك الموقف الذي يسري فيه الإحساس بأني محبوب بالقدر الكافي وأثق في ذلك، العناق في كل مراحل العمر حقنة الدفء والإحساس بأكثر مستوى من التواجد أصالة فينا.. إحساسي بأني محب ومحبوب. حرم النرجسي العناق وقد يعالج به.